ولد البابا شنوده الثالث يوم 17 أغسطس سنة 1923 في قرية سلام مركز أبنوب محافظة أسيوط ودعي باسم "نظير " توفيت والدته عقب ولادته مباشرة فتولى رعايته والده الطيب ثم أحتضنه شقيقه الكبير "روفائيل "وأخذه معه إلى مدينة دمنهور التي كان موظفاً بها ثم أعاده إلى أسيوط وعاد وأخذه إلى بنها التي نقل إليها ثم إلى القاهرة التي أستقر فيها .
واصل البابا دراسته والتحق بمدرسة الأيمان الثانوية بشبرا وتدرج في مراحل التعليم حتى حصل على ليسانس الحقوق قسم الآداب عام 1947 ودخل كلية الضباط الاحتياط وأشترك في حرب سنة 1948 ونال دبلوم الكلية الإكليريكية عام 1949 وأمضى سنتين في معهد الآثار .
كان قداسة البابا في طوال مراحل دراسته متفوقاً والأول باستمرار وعند ما كان بالسنة الأولى والثانية الثانوية التي تعادل الإعدادية الآن وعمره 16 عاماً كان يكتب الشعر ويتذوقه وقد أجاد عروضه وقوافيه وكل ما يختص به واستعان على ذلك بكتاب من دار الكتب ومن العجيب أن قداسة البابا لم يزل يذكر رقم هذا الكتاب حتى الآن وهو 5065
كانت أول قصيدة لقداسة البابا قالها وهو في هذه السن عام 1939 يوم ذكرى وفاة أمه ومطلعها : -
أحقاً كان لي أم فماتت أم اني خلقت بدون أم
رماني الله في الدنيا غريب احلق في فضاء مدلهم
محبة البابا للشعر وكتابته كانت السبب في دخوله القسم الأدبي ثم كلية الآداب ويقول قداسته بأنه كانت عند ما تأتيه فكرة أثناء نومه يقوم ويكتبها ولما رأى أن إضاءة النور ربما تقلق غيره كان يكتب على الحائط بالقلم الرصاص وكان يكتب الشعر في مواضيع كثيرة ثم تحول الى الشعر الديني ولقداسة البابا قصائد لا عدد لها ومما يذكر أن قداسته كان يكتب مواضيع الإنشاء بالشعر وكانت موضع إعجاب المدرسين والأساتذة . أحب البابا الصحافة وهو تلميذ بالثانوي وكان يحرر المجلات المدرسية وبعد تخرجه رأس مجلة "مدارس الأحد " ثم أنشأ قداسته مجلة الكرازة وهو أسقف للتعليم عام 1965 وما زال يصدرها ويرأس تحريرها كما أنه لا يزال عضوا في نقابة الصحفيين وقبل ذلك كتب البابا في عدد كبير من المجلات الدينية وكان وهو شاب يكتب تحت عنوان " توجيهات شبابية مقالات رائعة "
عمل قداسة البابا مدرساً سبعة سنوات في المدارس الثانوية وأستاذاً في الكلية الإكليريكية وكان يتخذ من التلاميذ أصدقاء يعاملهم بحب وتقارب ولطف شديد كان لهم أب وصديق قادر على حل مشاكلهم وتكوين مثاليتهم وعند ما كان يعمل في شبين الكوم كانوا يركبون معه القطار ولا ينزلوا الى المحطة التي كانوا يقصدونها بل يواصلوا معه حتى يستفيدوا أكثر
كان لقداسة البابا في شبابه نشاط ملحوظ في مدارس التربية الكنسية وخدمة الشباب والأيتام ومما لا شك فيه أن تربيته الدينية وهو صغير على يدي البابا مكاريوس الثالث عند ما كان مطراناً لأسيوط والواعظ الشهير اسكندر حنا كان لها اثر كبير كما يقول قداسته ومن المباديء التي كان يرددها وهو طالب في الجامعة ويعمل في نفس الوقت في بالخدمة "نحن نعطي الله فضلات الوقت والله يريد الوقت كله "ومن هنا كان اتجاهه الى الدير ودخوله الرهبنة بعد أن ملكت محبة الله كل حياته ووجد أن وقته في العالم لا يتسع لها
ترهب البابا في دير السريان العامر يوم 18 يوليو 1954 باسم الراهب أنطونيوس ثم رسم قساً فقمصاً وقد اختير أميناً للدير فكان موضع حب وتقدير جميع الرهبان وقداسته يحب الطبيعة والخلاء والهدوء والسكون وكانت له بجانب الدير مغارة خاصة وما زال يذهب الى الدير كل أسبوع
ولما كان لا بد لهذا الكوكب اللامع أن بتألق في سماء الكنيسة فقد استدعاه البابا كيرلس السادس وبدأ وكأنه يحادثه وفجأة امسك به ووضع يده عليه معلناً أياه اسقفاً للكلية الإكليريكية والمعاهد الدينية والتعليم دون أن يعلم وتقاطرت دموعه وفي يوم الأحد 30 سبتمبر 1962 تمت رسامته وطول مدة الرسامة كانت دموعه تتقاطر غزيرة . وبدأ عهد التعليم وعلمه الخفاق يرتفع فكان الأجتماع الأسبوعي وكانت المحاضرات في مختلف البلاد وفي كل مكان ومن ذلك محاضرة قداسته في نقابة الصحفيين "أسرائيل في رأي المسيحية " التي طبعتها الدولة بجميع اللغات ووزعت وقد كان لها صدى واسع كبير
وفي الوقت المعين من الله اختارته العناية الألهية بالقرعة الهيكلية راعياً أعلى لجميع أنحاء الكرازة المرقسية وتم تنصيب قداسته في 14 نوفمبر 1971
فليديم الله لنا وعلينا حياة قداسة البابا سنين عديدة وأزمنة سالمة هادئة مديدة